مرة جديدة تقلقنا القدس، كما وكأنها وحيدة تواجه قدرها، فيما تتسارع الأحداث والإجراءات الصهيونية الهادفة إلى طمس هويتها وتهويد آخر رمق عربي فيها.
فبعد القرار الأميركي بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والذي تبعه قانون القومية بالتوازي مع الإجراءات الإسرائيلية المتشددة في المدينة، بالإضافة إلى تهديد إسرائيل بهدم قرية الخان الأحمر الرابط الوحيد مع القدس، فإن قضية قديمة جديدة عادت لتبرز مؤخراً وهي تسريب عقارات القدس وبيعها في صفقات وسمسرات. ولكن هذه المرة بأسلوب مختلف، حيث لم تعد تكتفي إسرائيل بالصفقات السرية ولا بقانون “أملاك الغائبين”، لا بل باتت تتدخل بالقوة مسخّرة كل إمكانياتها في هذا المجال، مستخدمة الأمن والمحاكم وكل ما أوتيت من قوة.
وقد برز مؤخراً ملف بيع وتسريب “عقار السعدية”، الذي استنكرته كل فاعليات المدينة ووجهاؤها ورجال الدين، بعدما تمادت عمليات تسريب العقارات المقدسية ولا سيما في البلدة القديمة إلى المستوطنين والجمعيات الإسرائيلية ذات العلاقة.
وعلى خلفية هذه القضية، مارست إسرائيل حقدها كالعادة فاعتقلت محافظ القدس عدنان غيث، ومدير مخابرات القدس، جهاد الفقيه، ومحامياً فلسطينياً، متهمة إياهم بالتحقيق مع متهمين في محاولات التسريب، لكنها أطلقتهم مطلع الأسبوع بشروط، منها “الحبس المنزلي والغرامة المالية العالية”.
وفيما شهد شاهد من أهله، وفي خير دليل على المؤامرة الإسرائيلية، فقد أشارت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية إلى أن شرطة الاحتلال في القدس منعت إتمام “التحكيم” لمنع نشر أسماء المتورطين في البيع، ذاكرة أن اعتقال المحافظ ومسؤول المخابرات شارك فيه جهاز “الشاباك”، وقد عرضا على محكمة عسكرية، بعدما عملا على “تنظيف اسم السلطة وكشف المسربين”.
كل هذا يحدث في القدس التي باتت على ما يبدو برسم البيع، في ظل لامبالاة عربية ودولية تصل إلى حد النكران. وأما صفقة القرن فلم تعد ببعيدة طالما ليس هناك من يردعها.
(الأنباء)