عجز الدولة المالي والمتقاعدين
مع تعاطفنا الأكيد مع الموظفين والمتقاعدين وكل مواطن يحتاج لرعاية الدولة، نعتقد أن من الخطأ الشديد التشجيع على قطع الطرقات والأضرار بالاقتصاد وبالمواطنين الذين يحتاج المتقاعدون لتأييدهم وليس لتأليبهم على قضيتهم.
وأعتقد أن الأحزاب السياسية يجب أن تأخذ المبادرة وتعلن مواقف تهدئة عاقلة ولا تخضع لاغراء الشعبية والا فانها ستخسر وظيفتها لحساب الشارع. والشارع هو أسوأ مكان للبحث في شؤون الاقتصاد ومستقبل البلد.
من الأمور التي أدت إلى المأزق الحالي، كما يعرف الجميع، هو إقرار سلسلة الرتب والرواتب من دون تأمين موارد جديدة لتغطية الأعباء التي انشأتها على الموازنة، ٠٠وهذه الخطوة غير المسؤولة أيدها أكثر السياسيون رغم عدم اقتناعهم بها وبمخاطرها لان كل همهم كان كسب الشعبية وليس الإدارة الرشيدة للبلد واقتصاده.
لقد أضعنا الكثير من الوقت والان وصل الوضع إلى حافة الهاوية الأمر الذي جعل المجتمع الدولي يتدخل ويمارس ضغوطا على لبنان لضبط النفقات العامة لان لبنان أصبح بلدا مدينا بالدولار وهناك مؤسسات مالية عالمية تحمل سندات دولار لبنانية ولا تريد للبلد أن يتوقف عن خدمة الدين اي ببساطة أن يعلن إفلاسه!!!!
لذلك بدأ السياسيون “يحسون بالسخن” وهم يبحثون عن سبيل للتراجع عن تطبيق السلسلة من خلال التداول في خفض الرواتب ومعاشات التقاعد..
طبعا هناك فساد لكنه ليس السبب الأهم للعجز ..السبب الأهم هو أنه وبسبب الإدارة الفاشلة للمالية العامة فإن النفقات الجارية (الرواتب ومعاشات التقاعد وبرامج الدعم والمساعدات الخ..) أصبحت تفوق بكثير الموارد المحصلة. وبتعبير ابسط نحن اصبحنا نعيش بما يتعدى امكانياتنا ومواردنا المالية .. واذا أردنا اتهام السياسيين فالتهمة هي عدم الكفاءة وتضييع الوقت بالمناكفات وليس بالضرورة “السرقات” لان العديد من الوزراء والنواب أكفاء و”اوادم” كما يقال..وحتى السياسيين المرتكبين فانه لم يبق في خزينة الدولة الفارغة إلا القليل الذي يمكنهم وضع اليد عليه…
مشكلتنا هي أن انقاذ البلد يحتاج إلى تقشف والى تضحيات، لكن الشعب لن يقبل أن يكون هو “كبش المحرقة” وان يكون هو وحده الذي يضحي، واول بادرة يمكن للنواب أن يقوموا بها هي أن يحذوا جميعا حذو الزعيم وليد جنبلاط، الذي طلب الغاء راتبه كوزير سابق. على الاقل ليعلن النواب تبرعهم براتب بضعة شهر كبادرة رمزية تظهر انهم مستعدون لان يسددوا نصيبهم من التقشف. لتقم الحكومة والنواب فورا (كدليل على جديتهم) بإلغاء عشرات الإدارات والمؤسسات الوهمية المستخدمة للتنفيع، والتي تكلف الخزينة مئات الملايين من الدولارات، ليتم اولا وقف فضيحة نزف الكهرباء .. وبعد ذلك كله، لكل حادث حديث…
خاص موقع اللقاء المعروفي..
رشيد حسن
١٥ نيسان ٢٠١٩