*على وقع تظاهرة التقدمي “بدنا نسمعكم صوتنا” في لبنان. لمعت أبواق الثورة!*
بقلم: هلا ابوسعيد/ إيلاف
يتقلّب لبنان على جمر الأزمات المتباينة الأسباب والتداعيات والمنعكسة بين ردود فعل مفتعلة تعبوية وأخرى نابعة من نقمةٍ شعبية.
فهذا البلد الصغير أصبح منذ أمدٍ بعيد أشبه بحلبة صراع وكباش بين الدول الكبرى التي تتبادل الأدوار ربحاً وخسارةً بأدواتٍ محلية لتمرير مخططاتها في الشرق الأوسط وفرض سياساتها الإقليمية، وأقربها الأزمة السورية التي تمد ألسنة نيرانها إلى الساحة اللبنانية منذ بدايتها وسط الرهانات المتقلبة حتى الهجوم التركي الجاري على شمالها وانقسام الساحة اللبنانية حوله، وبروز موقف وزير الخارجية اللبنانية المطالب بعودة سوريا الى مقعدها في الجامعة العربية!
وفي مقابل أزمة النفايات القديمة الجديدة التي أصبحت كشماعة لحراك المجتمع الذي يغيب عن الوعي وسط الأزمات ليعود إلى الساحة غب الطلب، برزت مؤخراً أزمة الدولار المرتبطة بتهريب المحروقات إلى سوريا عبر حلفائها من جهة، والعقوبات الأميركية المفروضة على حزب الله من جهةٍ أخرى.
أما فرضية افتعال الأزمات عبر إخفاء الدولار التي استولدت إضراب شركات المحروقات وأصحاب الأفران، فربما غابت عن بال المحللين بسير خطواتها المحتسبة عمدا بغية رفع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية لتثبيتها قريباً على سعرٍ جديد يُفرّغ سلسة الرتب والرواتب من قيمتها الفعلية!
وسط تقلب الأوضاع، شهد لبنان عدة اعتصامات واضرابات وتحركات، كانت حتى الأمس غير مقلقة! لكن ذكرى الثالث عشر من أكتوبر قلبت الموازين بطريقةٍ ساخنة على وقع تهديدات باسيل الذي ناشد “عمّه”_رئيس جمهورية البلاد_بقلب الطاولة!
وفيما يتساءل المتابعون أي طاولة سيقلب؟ وعلى من ستنقلب طاولة العهد الفاقع بأزماته المُحرَج برعونة “صهره”، قرع الحزب التقدمي الاشتراكي جرس الإنذار!
فالاعتقالات العشوائية التي طالت ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي رفعت سقف المواجهة بين العهد والزعيم الوطني وليد جنبلاط الذي طالبه “بتأديب جماعته معرباً عن استيائه من التمادي بالاعتقالات التعسفية بحق مناصريه والصحافيين، منبهاً أن الحريات ليست بخير”.
وما كاد جنبلاط يرفع الصوت حتى ارتفعت أبواق العهد بمواجهته، ما رفع الوتيرة مجدداً برد من أمين سرّ اللقاء الديمقراطي النائب هادي ابو الحسن الذي غرّد منبها: “كلام جنبلاط جرس إنذار… التزموا حدودكم”.
لكن أزلام العهد تابعوا بالمكابرة والتحديات مستغلين ذكرى الثالث عشر من أكتوبر المؤلمة، ليطلقوا سموم التحديات على حساب دماء الجنود البواسل الذين قضوا دفاعا عن قضية خذلها قائدهم.. وما كانوا يعلمون!
فهل يكون الرابع عشر من أوكتبر هذا العام تاريخاً فاصلاً جديداً في الأزمة اللبنانية المستمرة مع إضراب الأفران الذي يُنذر بعدم مروره بسلام، وسط استحضار البعض لواقعة دعوة ماري أنطوانيت للشعب الفرنسي باستبدال الخبز بالكعك المُحلى التي أشعلت الثورة الفرنسية؟!
منظمة الشباب التقدمي أعلنت التعبئة الشبابية والشعبية باسم الناس وحقوقهم مدعومة بنواب اللقاء الديمقراطي ووزرائه تحت عناوين حامية #بدنا_نسمعكن_صوتنا دفاعاً عن الحريات التي باتت بخطر، ولأن الشعب يعيش أزمات الدولار والبنزين والخبز..”، فما كان من رئيس التيار الوطني الحر إلا أن سقط في المحظور بخطابه واصفا الشعب المطالب بحرياته ولقمة عيشه بـ”المخرّب”، مستغلاً المناسبة العزيزة على جمهور التيار الوطني الحر ليهدد الحزب التقدمي الاشتراكي بطريقةٍ غير مباشرة باستخدام عبارة “جنبلاط” الشهيرة “ننتظر جثة العدو على ضفة النهر”، حيث قال: “أيها المخرّبون.. اننا تيار وطني حر ونحن كما الماء نجرفكم بلحظة لا تتوقعونها إن بقيتم عند حافة النهر منتظرين جثتنا”!
فهل وضع نفسه بموقع العدو؟ وهل يعتبر نفسه الجثة المنتظرة؟ وهل يستدرك رئيس البلاد رعونة صهره ويعي أن مظاهرة اليوم، ليست استعراضاً غب الطلب، بل تحركاً ولد من معاناة الشعب؟!
وهل يعي “باسيل” أن الاشتراكي يحاذرمنذ فترة الوصول الى لحظات المواجهة الصعبة بسعيه الدائم لتهدئة قاعدته الشعبية الضاغطة عليه بمواقف حاسمة أتعبته مطولاً محاولات ضبطها؟!
ربما يكون الجواب واضحاً بتغريدة النائب هادي ابو الحسن_ الذي وصل الى البرلمان من وجع الناس_ خير تعبير عن جدية الموقف الشعبي الذي سيترجمه التقدمي اليوم تحت شعار “بدنا نسمعكم صوتنا”، فقد كان حاسماً بقوله: كلما زاد تسلطكم زاد تمردنا أكثر… وكلما زاد بطشكم أصبحت عزيمتنا أكبر،.. امضوا بقمعكم وكيدكم وتسلطكم، ونحن سنمضي بعزم وثبات دفاعاً عن الحق والحرية ومصالح الناس..”
لقد أطلق التقدمي صفارة الإنذار باسم الشعب والحريات، وقالها “ابو الحسن”: لمعت أبواق الثورة.. فاحسبوها جيدا قبل فوات الأوان!
https://elaph.com/Web/opinion/2019/10/1268082.html