نقلا عن جريدة الأنباء الإلكترونية
عن لسان الدكتور الشيخ سامي ابي المنى …
يوم كتبتُ نشيد “سلام الشباب سلام الرجال” في العرفان ، إثر استشهاد القائد كمال جنبلاط كنت في مطلع العشرين من عمري، وكنت قد نشأت على عنفوان الجبل والغيرة المعروفية للدفاع عن الوجود، وكان اغتيال “المعلم” ضربةً قوية للسلم الأهلي أرادها المجرمون المتآمرون، فجاء الردُّ عفوياً بالكلمة القوية والنشيد المدوّي النابع من أعمال الذات الجبلية، كما جاءت التعبئة العامة والاستعداد العسكري إلى جانب صوت الحكمة والعقل في محاولة استيعاب ما دُبّر من فتنة، إلى أن انتهت الحرب الدخيلة المشؤومة، وتجندنا جميعُنا في مهمة الحوار والمصالحة التي توّجت توجّهَ قيادة الجبل ورغبة أبنائه الموحدين وإخوانهم المسيحيين…
أمّا إعادة التذكير بالنشيد اليوم من قبل وليد جنبلاط ففيها نوعٌ من استشعار الخطر الذي استشعرناه في ذلك الزمن منذ اثنتين واربعين سنة، وفيها رسالةٌ بالغةُ الدقة إلى من يحاول العبث بالمصالحة والسلم الأهلي ومحاصرة عنفوان الجبل واللعب بتاريخه ومغزاه، فالجبل قلب لبنان وهو موحَّدٌ ومتصالحٌ مع نفسه وناسه، وهو عصيٌّ على الكسر في مواجهة من يجهل التاريخ ولا يتقن فنَّ الوفاء والاحترام،
لكنّه طيِّعٌ في كنف الدولة العادلة التي تحترم التاريخ والأصول، ولذا ردّد وليد بك نشيد العرفان فقال:
“سلامُ الشبابِ سلامُ الرجالْ. سلامُ الرفاقِ رفاقِ القتالْ.
فداءً سنمضي بدرب الشهيدْ. حياةَ الإباءِ وإلّا الزوالْ”.
بالأمس عبّرتُ بنشيدي هذا عن واقعٍ مريرٍ وشعورٍ صادق استنهض عنفوان الجبل الذي ورثناه وتعلمناه أباً عن جَد، واليوم عبّر وليد جنبلاط بأمانةٍ وواقعية عن استعداد الجبل للحفاظ على هذا العنفوان، لأن التخلي عنه يعني الزوال، ولكنه اراد ان يقول أن الجبل لن يزول مهما اشتدت رياح المؤامرات وحرتقات المتآمرين، وأن هذا الوعد أمانةٌ في أعناق الموحِّدين والمسيحيين المتصالحين على حدٍّ سواء، ومن جهتنا سنظلُّ نُنشد مع وليد جنبلاط نشيد السلام الذي نرجوه صادقين ونشيد العنفوان الذي يستحقُّه الجبل.