وأتى الرد وعبر منبر اللقاء المعروفي من الكاتب الدكتور زهير بشنق على مقالة الامس بعنوان *كلنا بشارة الاسمر* خطها الشيخ دانيل مستغلا اهتمام الناس بهذا الاسم والعنوان ليطلق صرخة ونقد ذاتي لاذع ومميز …
ولكن الكاتب لديه وجهة نظر اخرى .. فلنستمع لما قاله عبر موقعنا .
لا لسنا كلنا بشارة
بقلم الدكتور زهير بشنق
بداية في موضوع الدكتور بشارة الأسمر قيل ان بليتم بالمعاصي فاستتروا وعلى المرء اذا كان ذا سفه الاّ يعتلي المنبر أصلاً، ولن ادخل في تفاصيل ما جرى والمزايدات الحاصلة …
ولكن لفتني عنوان فيه جزم بأن” كلنا بشارة الاسمر” حيث يفصّل الكاتب ويسرد في المقال تأكيداً وتعميماً لم نتعود عليه من عالم مثله واعتقد انه أتى دون قصد
يقول الله تبارك وتعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ويقولون علَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:75]. فالآية الكريمة قسمت أهل الكتاب من حيث أداء الأمانة الى قسمين: أصحاب أمانة وأصحاب خيانة، وكذلك ورد في الآية{وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} [التوبة:101].
وهو تفصيل وتحديد لمن نافق من الإعراب وأهل المدينة
وهناك غيرها الكثير من الآيات والأحاديث ولست بوارد ذكرها تؤكد التحديد…
وعليه فإن مبدأ تعميم الأحكام يجب أن يتخلى عنه كل مفكر وعالم من العلماء في مختلف فروع العلوم لأنه
أولاً: مناف لروح الأديان،
وثانياً: مناقض لأصول العلم الذي يقول بالنسبية وان ليس هناك مطلق بل كل شيء نسبي
وثالثاً: يفقد المرء عند التعميم من يتعاطف معه ويناصر قضاياه إذ كيف يقبل إنسان عاقل أن تشمله بصفات لا تنطبق عليه وتنتظر منه أن يمد لك يد العون ولو معنويا، ويؤيد كلامك ؟؟
ونقول إن من يعمم على مجتمعنا بصفات رذيلة لمجرد خطأ حدث من بعض الأفراد عليه مراجعة ذاته، لأن المجتمعات فيها الصالح والطالح، والعالم والجاهل، والمحسن والمسيء منذ الأزل وإلاّ لما كانت الرسالات السماوية أصلاً.
الم يكن في عهد السيد المسيح عليه السلام فجور وزنى وسرقة؟؟ هل حمَّل السيد المسيح المجتمع وزر أعمالهم؟؟ طبعا كلا بل عالج كل حالة على حدة
وكذلك في عهد النبي محمد صلعم نزلت آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن المجرمين والسارقين والزناة والمرابين والكاذبين والحاسدين والمفسدين ولولا التحديد لما كان هناك فائدة أصلًا في ذكر الحدود، والتوبة عن المعاصي .
إن أي مجتمع بشري مهما بلغ من النضج والوعي الفكري لا بد أن يكون فيه شواذ، والشاذ لا يقاس عليه، ولو كان المجتمع كله صالحًا لما كان هناك فائدة من التمييز
وكذلك يؤدي التعميم الى تقاعس أهل العلم عن الفرق بين الحق والباطل او التصحيح لظنهم بعدم الجدوى…
أخيراً
لا يكاد يسلم من الغلط الجوهري في تعميم الأحكام بوجه عام على الناس إلا الراسخ في العلم والركن في الثقافة
ولا يجوز بأي حال أن نصدر أحكاما عامة على الناس جميعا ونعطيها حكم اليقين فنجرّم المجتمع كله بسبب بعض المجرمين فيه، ونكفّر الناس كرمى لبعض المخالفين، كما اذ ندين الوطن اذا ظهر فيه بعض مظاهر الفجور ونرضخ تحت نير الفساد مداراة للفاسدين.
وأخيرًا كما يقال أن العام يفيد الظن لأنه ما من عام إلا له مخصص، وهناك مثل بريطاني يقول “كل تعميم هو خطأ بما فيه هذا التعميم”.
د. زهير بشنق ، منبر اللقاء المعروفي . 19*5*2019