تلميذ يتحدث
كنت طفلاً عديم البصيره ، خالي السريره ،احتفل بالطرب والهو باللعب ، الى ان بلغت سن الطلب وإستضأت بنور الادب ، فهمت ما لم افهم وتعلمت ما لم اكن اعلم .
تعلمت ان الادب القويم بالتربيه و التعليم ، وإن المدرسه هي مطلع التعلّم ، ومشرق شمس التقدّم ، تعلمت ان اجعل الرغبه شاني ، والمدرسه مكاني ، والكتاب حليفي ، والقلم اليفي ، صباحي ومسائي ، صيفي و شتائي ..
تعلمت ان احفض كل ما يكسبني ادباً رائعاً وقلماً كاتباً و لساناً خاطباً .
تعلمت ان اتخذ الترتيب مطلبي ، والنظافه مذهبي ، وان احافظ على صحتي فالعقل السليم في الجسم السليم .
تعلمت ان اجعل الامانه رائدي ، والإستقامه قائدي ، وان اكون قوي الحجه ، صادق اللهجه ، فالصدق في اقوالنا اقوى لنا ، والكذب في افعالنا افعى لنا ،
تعلمت ان لا اتشبّه في طعامي بالنهماء ولا في كلامي بالسفهاء ، وان لا اتخذ الساحات مقعدي ولا الأزقه مقصدي .
تعلمت ان اقول لأبناء المقاهي ، لذوي الملاهي، للسكرّين، للمقامرين، للقائلين ان المال منتهى الآمال . كفى كفى ،
انها الهمجيه ، انها الوحشيه، انه الشقاء .
تعلمت ان لا قوه الا بالقلم ولا مجد الا بالقلم ، وان الانسان تعلم بالقلم و تقدم بالقلم ، فبالقلم خاصم ، وبه سالم ، وبه بنى و اشاد ، وبه اجاد و افاد .
تعلمت ان اكون قليل الكلام ، قليل الخصام ، فصيح اللسان، صريح البيان ، لا متخلفاً ولا متفيهِقاً ولا مهذاراً ولا ثرثاراً ، تعلمت و تعلمت ، وانا محتاجٌ الى معلم . دائم. ابداً ، الى محذر ، كلما نقطت في نفسي خيالاتٌ فاسدة ووساوس شارده .
تعلمت ان اتخذ النشاط درعي و الاجتهاد حسامي و العلم قوسي و العمل سهامي ، وعن السيئات قعودي ، وفي الحسنات قيامي ، وعن المحظورات سكوتي ، وفي الواجبات كلامي ، وعن الاشقياء ابتعادي ، وعلى الأُدباء سلامي .
عيحا ١٩٦٨
المرحوم الشيخ ابو سليمان علي القضماني