تعليق على مقابلة الزعيم الدرزي في بلاد الشام وليد جنبلاط، مع الإعلامي مرسال غانم يوم الخميس الواقع فيه ١٣ كانون الاول ٢٠١٨ م.
المقدمَّة :
في مُدونَّة سابقة ( السِّت نظيرة جُنْبلاط من لبنان ) منشورة في كتابي :
الموحِّدون الدروز عبر التاريخ.
وصفت وليد جنبلاط بالاتي :
( وقد أثبت التاريخ أنَّ حفيدها الزعيم وليد جنبلاط في محطَّات من الأخطار الدولية المُحيقة بالوطن وبطائفته، قد سلك نفس أُسلوب السِّت نظيرة وما يزال، في محاولاته الصعبة والشاقَّة تجنيب أبناء طائفته في لبنان وبعض دول المنطقة من المنزلقات. وبسبب ذلك يتلقَّى السهام تلو السهام، لان موقفه في الحفاظ على أبناء طائفته لا يدخله من بوابة الوطنية الواسع، والواسع جداً ).
بداية :
أولاً : مع أنني أنتمي إلى طائفة الموحِّدين الدروز في لبنان، إلا أنني لم أنخرِّط في حياتي الى أي حزب من أحزاب الطائفة الكريمة، او أي حزب لبناني.
ثانياً : كان من المُستحسن، والأفضل، والأنفع، والأجدى أن يحاوِّر الزعيم وليد جنبلاط، الإعلامي جورج غانم، الذي أثبت وبرهن في مقدمة برنامج ( صار الوقت ) عن الرصانة، والجدِّية، والقدرَّة، والإضطلاع على تاريخ الدروز السياسي في لبنان، بدلاً من الإعلامي مرسال غانم الذي فوَّت علينا الإستفادة من ينابيع وليد جنبلاط، ومن ذبذبات ( أنتيناته، كما يسمونها ) فكان إستسقائه من الحوار بعض القفشات، وتكرار إستعمال تعابير ( إحساسك بالخسارة، والهزيمة السياسية )
ثالثاً : لم يكن وليد جنبلاط في المقابلة زعيماً درزياً لبنانياً فحسب، بل كان زعيماً سياسياً لبنانياً بإمتياز، لا يشِّق غبار فرسه أي فارس لبناني من باقي الطوائف الاخرى اللبنانية.
في المقابلة أطلق الزعيم اللبناني وليد جنبلاط عِدَّة رسائل لأهل الحكم، قد يعتبرها الأغبياء في السياسة أنها دليل ضعف، ولكنها في الحقيقة توحي أن هذا الانسان يُدرك المخاطر الحقيقية التي تتلبَّد غيومها الماطرَّة، والجارفَّة لهذا الوطن الصغير لبنان في داخل عاصفة هوجاء إسمها الربيع العربي، وما سيلي هذه العاصفة من تداعيات وإرتدادات تحصل الان في فرنسا، وبريطانيا.
لا يَهُمُني في هذه المُدونَّة الدخول في الرسائل التي وجهها وليد جنبلاط لأهل الحكم، منها الاقتصادي، والمعيشي، والكهرباء، والليرة اللبنانية إلخ. لأن أهل مَكَّة أدرى بشعابها. ولكني أحب ان أُطمئن البيك أن الليرة اللبنانية بخير طالما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يقرأ ويفهم جيداً تقارير ( المباحث الاميركية ف. ب. أ ) عن العمليات والتحويلات المصرفية اللبنانية.
رابعاً : لم يكن وليد جنبلاط في المقابلة زعيماً درزياً في لبنان فحسب، بل كان ولمَّا يزَّل الزعيم الدرزي الأبرز في بلاد الشام، ولهذا السبب تحسَّرت، وإستشطت غضباً لعدم وجود مُحاور قدير حتى يسبر غور وأسرار ورؤى وليد جنبلاط.
في المقابلة أطلق وليد جنبلاط الزفرَّة المؤلمة عندما ذكر ( إدلب ) مرتين متتاليتين، وقاربها تشبيهاً لدروز السويداء، لأنه حصل لهذه البلدة وجه من وجوه المِحَّن التي كشرَّت أنيابها في البنيان الدرزي في سوريا.
( إدلب بلدة سورية، بعيدة عن السويداء معقل الدروز، كان يقطنها عائلات درزية تعرضت لهجوم مِن حُثالة النسل البشري، وأخر عمل قذِّر إستهدف خطف حافلة تقِّل أفراداً من دروز إدلب، والبعض القليل جداً يعرف من أنقذهم من براثن الوحوش الكاسرة ).
وفِي كل مرَّة كان المُحاور مرسال غانم يمُر مرور الكرام دون أن يلفت أنتباهه ما ذكره الزعيم الدرزي عن إدلب.
شخصياً لا أعتب على المُحاور، لأنه قد يجهل الوضع الدرزي عموماً، بالإضافة إلى أنه لا يدرك أن دروز بلاد الشام، هم في برنامجه لهذه الليلة فقط ( أنا منهم ) كانوا أذاناً صاغيةً لَمَّا شَبَّه وليد جنبلاط ما حدث لإدلب، ولِمَا قد يحصل لدروز محافظة السويداء، خاصة والأهم من كل ذلك لم يسأل المُحاور، وليد جنبلاط عن مساعيه في المحافل الدولية لتجنيب دروز محافظة السويداء الدخول في آتون إدلب.
والاشَّد غرابةً أن المُحاور أغفل تماماً ما ذكره وليد جنبلاط :
( أنه إستنجد بالروس لتجنيب دروز السويداء إدلب أُخرى ).
وكان جواب الروس :
( ما فيكن تتهربوا من الخدمة العسكرية ).
لم يُحرِّك المُحاور ساكناً، ولم يستسقي مطراً من وليد جنبلاط في هذه المسالة التي تؤرِّق مضاجع دروز بلاد الشام.
.
شخصياً :
– كنت أُحِب أن أسمع من وليد جنبلاط، مثلي مثل غيري من دروز بلاد الشام عن هذه الزفرَّة المؤلمة، التي تُدمي دروز بلاد الشام.
– لأنه سبق وكتبت في ١٣ تشرين الاول ٢٠١٨ مُدونَّة فيها ذات الزفرَّة التي أطلقها وليد جنبلاط بعنوان :
( الموحِّدون الدروز في بلاد الشام، والشورى فيما بينهم الى أين ؟ ).
– لأنه سبق وكتبت أيضاً في ٨ أب ٢٠١٨ عند مغادرتي لبنان، مُدونَّة فيها ذات المعنى، بعنوان :
( قُل كلمتك وإمشي ).
– حاولت لا بل إستجديت مراجعي لمعرفة طبيعة المرحلة المقبلة بالنسبة لدروز محافظة السويداء، لم القَ ردَاً، لهذا السبب فليعذرني قُرائي عن مدى سُخطي لأني لم أسمع ما عند وليد جنبلاط، من أي خبر يقين.
خامساً :
وهي الأهم.
قام وليد جنبلاط بتوضيحها علناً دون مواربةً، وكان بذلك جريئاً صادقاً، يلبس عباءة رجل الدولة، صاحب الخطاب السياسي المحلي والإقليمي، يُتقن جيداً تدارك الفتن داخل طائفته، يسلك طريقاً يُجنِّب أفراد عشيرته العثرات.
أطلق وليد جنبلاط في مقابلته مع الاستاذ مرسال غانم، كونه الزعيم الدرزي في لبنان، عِدَّة نداءات أهمها :
– لم يكن على عِلم مسبق بعملية بلدة الجاهلية. ( لن أستفيض في شرحها، لان وليد جنبلاط شرحها بالتفصيل )
– تخليه عن المقعد الدرزي الثالث في الحكومة المقبلة. ( لن أشرحها أيضاً )
– إستمراره مستقبلياً في ترك مقعد نيابي خالياً في لائحته عن دائرة عاليه، لإعتبارات داخل البيت الدرزي. ( مُعتبراً نفسه أنه لا يُمثـّل كل الدروز )
والأهم الأهم، كيف يقوم ( فرع المعلومات ) بقضم صلاحيات ( الشرطة القضائية )
فقرة لتوضيح معنى الصلاحيات الأمنية في دولة لبنان :
– فرع المعلومات في توزيع الحصص، هو تابع لرئاسة الحكومة ( حصة الاسلام السُنَّة في الأمن ).
– الشرطة القضائية في توزيع الحصص، ( حصة الدروز في الأمن ).
وأيضاً وأيضاً الف مرة لن أدخل زواريب الإدارات الحكومية، وكيف أصبح الإقلال، والتقليل من حصة الدروز في الإدارات الحكومية، طقساً مُتبعاً مِن أصحاب الفخامة، وصولاً الى أصحاب الدولة.
أخيراً ……
لو كنت من بِطانَّة، أو حاشية المير طلال ارسلان.
لو كنت مستشاراً لمعالي الوزير وئام وهاب.
كنت تلقفت نداءات وليد جنبلاط الموجهَّة نحو الفريق الاخر المُتمثلَّ في المير طلال ارسلان، وسعادة النائب فيصل الداوود، ومعالي الاستاذ وئام وهاب.
وإقترحت على عطوفة المير، ومعالي الوزير، وسعادة النائب تحديد موعد :
من أجل لقاء وليد جنبلاط.
من أجل تجنيب الطائفة الدرزية في لبنان، مِحَّن بدأت تُكشِّر عن أنيابها.
اللَّهم إني قد بلَّغت.
اللَّهم إني عشقت مهنتي السابقة ( مستشار ).
لأني كنت أعرف المداخل والمخارج، وأتقنت النُصح في أوانه.
أخيراً، وليس أخراً .…
لو كنت مُستشاراً للزعيم وليد جنبلاط.
ودرست كيف يقضم جهاز فرع المعلومات، صلاحيات مُعطاة سابقاً للشرطة القضائية.
وأدركت كيف هرول سريعاً قبل موعده مع رئيس الحكومة، ليحذره من مخاطر إرسال فِرقة مُجوقلة الى بلدة الجاهلية.
كنت قرأت على الزعيم الدرزي وليد جنبلاط حِكمة لاتينيَّة تقول :
العمل الظاهر يَنـِّم عن النيَّة المُبيتَّة.
هذا شأن المستشار، أن يقول.
ويردِّد، ويزيد في القول :
والله أعلم.
كذلك، كنت طالبت وليد جنبلاط :
أكمِل …
يحفظك الله، مع دروز باقي بلاد الشام في توجيه النداءات التي تلِّم شمل الطائفة الكريمة، وتُجنبها شر المِحَّن.
ولهذا السبب أقول الى وليد جنبلاط.
لا عجباً أني أطلقت عليك في هذه المُدونَّة مُسمَّى، ولقَّب ( الزعيم الدرزي في بلاد الشام ) لأن هذا شأنك، وهذا قدرُك، وهذا دورك التاريخي، وتاريخ من سبقك في المُلِمات، والمخاطر، والمنزلقات التاريخية التي تُحاك تِباعاً على دروز بلاد الشام،
ولذلك سأنشر هذه المُدونَّة لتصبح وثيقة على صفحات غوغل، لِتُقرأ الان، ومُستقبلاً …
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
١٤ كانون الاول ٢٠١٨ .. تستحق الحفظ واعادة النشر عبر موقع اللقاء المعروفي ..