كتب الصحافي داني حداد اليوم تحت عنوان
ساحر الجمهورية المتهاوية
داني حداد .. في الجمهورية
يستحقّ المشهد اللبناني الداخلي، بسوداويّته، أن يقف وليد جنبلاط واضعاً يده اليسرى في جيبه الأمامي، قبل أن يرفع يده اليمنى نحو شعره الكثيف، في حركته الشهيرة، ليسأل، مع جسده المتمايل: الى أين؟
لا يعرف وليد جنبلاط، أحد المحنّكَين في السياسة اللبنانيّة، مع رفيق الدرب والحرب، وما بعدها، نبيه بري، الى أين يتّجه لبنان. هل تعطّلت “الأنتينات”؟ ربما، والتشويش عليها يأتي، غالباً، من الضاحية الجنوبيّة. من هناك تُدار “أنتينات” البلد. أمّا المقار الرسميّة وقصور الزعامات فإلى تراجعٍ في الدور، مهما بلغ تصنّع القوّة لدى البعض.
يدرك جنبلاط، رائد الواقعيّة السياسيّة في لبنان، أنّ الزمن تغيّر. ما عاد “بيضة قبّان”، وعلى الرغم من حضوره القوي درزيّاً، فإنّ هناك من وضع على كتفه الأيمن طلال أرسلان وعلى كتفه الأيسر وئام وهاب، في حين أنّ كتفَي نجله تيمور لم تصبح قادرة على الحمل بعد. يعرف “البيك” ذلك أكثر من أيّ أحدٍ آخر.
إلا أنّ الأمر كلّه لا يعني أنّ زعامة جنبلاط الى انحسار. يملك الرجل سحراً في الأداء السياسي. تغريدةٌ صباحيّة منه قادرة على تحريك الساحة السياسيّة، و، أحياناً، تحريك فيلق “لبنان القوي” للردّ عليه، العنصر تلو الآخر، في صواريخ من نوع “تويتر”…
باهتةٌ هي الحياة السياسيّة من دون وليد جنبلاط. للرجل هيبة وظرفٌ يغطّي به مآسي التحوّلات، وله إرث كمال جنبلاط الذي كان شريكاً دائماً في الحكم وزعيماً أزليّاً في المعارضة، وله الثقافة في زمن التداعي والانحطاط لدى الكثير من سياسيّي هذه الأيّام…
منذ بداية السبعينات ونحن ننحطّ من دون توقف. في دبي، التي كانت صحراء، يتعاطى المواطنون مع الدولة عبر الانترنت. في بيروت، التي كانت سويسرا الشرق، التقنين مستمرّ في الكهرباء وفي معظم الخدمات والمواطنون يلجأون الى الزعيم لتسهيل حياتهم. شاهدوا ما يحصل في قصر المختارة كلّ يوم سبت.
يعيش رجال هذا القصر في محنٍ وامتحاناتٍ دائمة. هو ليس جدراناً أثريّة فقط، ولا ينتظر الأدوار كي تأتي إليه بل يمضي هو إليها. هكذا فعل في العام ٢٠٠٥ وفي محطّاتٍ كثيرة. فهو اعتاد الصفوف الأولى، وحين تظنّ أنّه هوى يعود أقوى. ولكنّ البلد هو من يهوي اليوم، أو يكاد. فهل سيكرّر جنبلاط الليلة،
في “صار الوقت”، ما قاله مرّةً لمرسال غانم “زبّال في نيويورك ولا زعيم في لبنان”؟
“عليمَ الله” يقول أهل الجبل…
اختتم داني حداد .. والليلة سنسمع الجواب مع عملاق السياسة الزعيم وليد بك جنبلاط . على اذاعة ام تي في .