الشيخ كامل العريضي، مدير ثانوية الإشراق المتن
نقلا عن قناة الجبل، منبر اللقاء المعروفي.
خلقَ اللهُ سبحانَه هذا الكونَ على غايةٍ من النّظامِ، وجعلَ الإنسانَ سيّدَ المخلوقاتِ بعقلِه وفكرِه ووعيِه، وقدّرَ أن يكونَ الزّواجَ بينَ الرّجلِ والإمرأةِ سببًا لتكامُلِهما وتكاتُفِهما، وتكوينِ أسرةٍ مُتناغمةٍ تنشأُ على رقِيِّ الفضيلةِ، وبذورِ الخيرِ، ومعراجِ العملِ الصّالح؛ لأنّ الأسرةَ النّواتيّةَ ركنُ المجتمعِ وأساسُه. ومن هنا، يكونُ لكلّ حدثٍ أو موضوعٍ أو تفصيلٍ له صلة بالزّواج وتكوين الأسرة مهما كان حجمه، يكونُ على قدرٍ كبيرٍ من الأهمّيّة والجدّيّة. فكيف بأسلوب العقد الخاصّ بالزّواج، والطّريقة الّتي تُعتمدُ في إنجازه؟
تعريف الزّواج المدني
هو زواجٌ يتمّ توثيقُه، وتسجيلُه في المحكمة الّتي تُطبّق الدّستور والقانون بين شخصينِ مُسجّلين في السّجلات المدنيّة لدى الدّولة، أو بين المُقيمين فيها، ويُعدّ أساسه إلغاء الفروقات الدّينيّة، والمذهبيّة، والعرقيّة بين طرَفي الزّواج؛ فلا يمنع ارتباط مُعتنقي الدّين الإسلامي من معتنقي الدّين المسيحيّ أو اليهوديّ أو غير ذلك، ويتمّ بقبول الطّرفين؛ الزّوج والزّوجة، وبحضور الشّهود، وكاتبِ العَقد، ويتمتّع المتزوّجون مدنيّاً بحقوقهم المدنيّة كاملةً: الاجتماعيّة منها والسّياسية، والخدماتيّة، ولا يجوز لأحدٍ مخالفةُ ذلك؛ لأنّ ذلك يُعدّ مُخالفةً لقانون الدّولةِ الّتي أتاحت هذا النّوعَ من الزّواج.
تعريف الزواج الدينيّ
أمّا تعريفُ الزّواج بحسب الإطار الدّينيّ فهو ” عقدٌ ثُنائيٌّ علنِيٌّ ذو صفةٍ دينيّة، يتفّقُ فيه رجلٌ وامرأةٌ على الحياة معاً بُغية تكوين أسرة”. و يختلف عن غيره من العقود بأنّ مفعوله لا ينحصر بطرفيه عملاً بمبدأ نسبيّةِ العقود، بل إنّه نظامٌ اجتماعيٌّ ذو قُدسيّة خاصة، وهو يشكّلُ النّطاقَ الوحيد للعلاقةِ بين الرّجل والمرأة تحت رعاية الشّرائع السّماويّة.
قراءة تاريخية
أوّل ما أُطلِقت عبارة “القانون المدني” كان على القانون الّذي يحكم مدينة روما ومواطنيها. فهو إذن في بَدئه، فرعٌ للقانون الرّومانيّ الّذي شمل الأمبراطوريّة الرّومانيّة.
ثمّ اُطلقت هذه العبارة في القرن السّادس على مجموعة يوستنيان لتميّزِها عن مجموعة القانون الكنّسي، ثمّ على قانون نابليون الّذي بُدئ العمل به سنة 1804م، والّذي ضمّ الأحوال الشّخصيّة إلى جانب الأحوال الماليّة. ومنذ ذلك الحين، غدت لفظة القانون المدنيّ، تعني تشريع دولةٍ من الدّولِ لواجبات الأفرادِ ومسؤوليّاتِهم فيها، وفي عقودهم وإجاراتهم وبيوعهم والتزاماتهم ويكون هذا القانون سائداً لكافة عناصر الأمّة، وشِرعةً للمحاكم في حال رفع القضايا إليها .
يقومُ هذا المفهوم على أنّ لا تشريع في الدّولة إلا تشريعها، ولا نظام إلا نظامها، ولا محكمة إلا محكمتها، وذلك في مختلف الشّؤون الّتي عالجها هذا القانون ومنها طبعاً الزّواج.
ومن هنا، أُطلِق تعبير “الزّواج المدنيّ” على الزّواج الّذي يخضع في إنشائه ومفاعليه وانحلاله إلى منطوق القانون المدنيّ، تمييزاً له عن الزّواج الّذي يتمّ كنَسيّاً. وأوّل ما أُطلقت هذه التّسمية في فرنسا في أعقاب صدور قانون نابليون.
الزّواج المدنيّ في لبنان
مشروعُ الزّواج المدنيّ في لبنان ليس حديثاً، فهو يعود إلى العام 1951 حين نوقش في البرلمان ثم رُفض. وفي العام 1960 بدأت جمعيّاتٌ علمانيّةٌ تُطالبُ به من جديد من خلال تنظيم التّظاهرات السّلميّة، وعاد ليُطرح في البرلمان من جديد العام 1975. وقد أثار جدلاً كبيرًا عندما طرحه الرّئيس السّابق الياس الهراوي عام 1998.
وفي العام 1999 نوقش مشروع قانون الزّواج المدنيّ في مجلس الوزراء، حيث تمّت الموافقة عليه بالأغلبيّة (21 صوتاً)، إلّا أنّ رئيسَ الوزراء رفيق الحريري لم يوقّع على المشروع ولم يقدّمه للبرلمان للتّصديق عليه، واعتذر قائلاً: «إنّ ظروف لبنان لا تسمح الآن بذلك».
قوبلَ مشروع الزّواج المدنيّ الاختياري في لبنان برفضٍ كبيرٍ من رجال الدّين وإن كان اختياريّاً، ولكلّ من هذه الطّوائف أسبابه الخاصة للرّفض. وأمام هذا الواقع يلجأ الكثيرُ من اللّبنانيين إلى الزّواج المدنيّ خارج لبنان. وتعدّ قبرص إحدى أكثر الدّول الّتي يتوجّه إليها اللّبنانيون الرّاغبون في عقد هذا الزّواج خصوصاً إذا كان أحد الطرفين غير راغب في اعتناق دينِ الشّريك الآخر.
الشّروط القانونيّة للزّواج المدنيّ
طالما أنّ الزّواج المدنيّ هو عقد ثنائيٌّ، فيجب أن تتوافر فيه الشّروط القانونيّة العامّة للعقود، وهي: الرّضى والأهليّة والموضوع والسّبب والشّكل في الحالات الّتي يفرضها القانون، سنداً للمادة 177 من قانون الموجبات والعقود. إلّا أنّ الطّبيعة الخاصّة لعقد الزّواج المدنيّ، تفرض شروطاً خاصّة على كلّ ركن من أركان هذا العقد، إضافة إلى وجوب أن يكون معقوداً خارج الأراضي اللّبنانيّة لكي يتمّ الاعتراف به وتسجيله في دوائر النّفوس والأحوال الشّخصية الرّسميّة في لبنان.
ويمكن تقسيم الشّروط القانونيّة لعقد الزّواج المدنيّ إلى شروط شكليّة، وأخرى موضوعيّة.
أ_ الشّروط الشّكليّة:
سنداً للمادة 25 من القرار الرقم 60 ل.ر. (13/3/1936) يعدّ عقد الزّواج المدنيّ صحيحاً من حيث الشّكل، ككلّ زواج معقود في الخارج وفقاً للأصول القانونية الشكلية المطبّقة في البلد الّذي عُقد فيه.
يُستفاد ممّا تقدّم أنّ المشروع اللّبنانيّ اعتمد من حيث المبدأ أحكام القانون الدّوليّ الخاصّ، إن لجهة إخضاع زواج اللّبنانيّين لقانونهم الوطنيّ، أو لجهة القول بصحّة شكل الزّواج الحاصل في الخارج وفقاً لأحكام البلد الّذي تمّ فيه، إلّا أنّه راعى استثناء الخصوصيّة اللّبنانيّة لِكَون نظام الأحوال الشّخصيّة في لبنان هو نظام تعدّدي طائفيّ، فاستدرك عدم إخضاع المسلمين اللّبنانيين لأحكام القرار الرّقم 60 تاريخ 1936 وتعديلاته.
وبالتّالي، لكي يتمّ الاعتراف في لبنان بعقد الزّواج المدنيّ المعقود في الخارج، يجب أن يكون متوافقاً مع الشّروط الشّكلية الّتي يحدّدها القانون الأجنبيّ للبلد الّذي جرى فيه هذا الزّواج، فإذا كان ذلك القانون الأجنبيّ يفرض شكليّة معيّنة، ككتابته خطّياً أو رسميّاً لدى كاتب العدل أو دائرة مختصّة بقضايا الأحوال الشّخصية أو أيّ مرجع رسميّ آخر، يجب أن يكون عقد الزّواج المدنيّ مُستوفياً تلك الشّروط الشّكليّة.
وهذا تطبيقاً لما هو معمول به في القانون الدّوليّ الخاصّ، استناداً إلى قاعدة «المكان يسود العمل»
ب_ الشّروط الموضوعيّة:
يخضَع الزّواج المدنيّ من النّاحية الموضوعيّة للشّروط المحدّدة في قانون الدّولة محلّ الإبرام، والّذي يحدّد الشّروط الموضوعيّة للعقد، فإمّا أن يطبّق قانون الزّوجين الشّخصيّ كما هي الحال في فرنسا، وإمّا أن يطبّق قانون محلّ الابرام كما هي الحال في الولايات المتّحدة الأميركيّة، أو قانون محلّ الإقامة كما هي الحال في بريطانيا وكندا. فالزّواج المدنيّ كمؤسّسة قانونيّة، يجب أن تتوافر في عقده الشّروط الأساسيّة للعقود، وهي الرّضى والأهليّة والموضوع والسّبب. أمّا صحّة تكوين عقد الزّواج المدنيّ فتقتضي عدم وجود موانع للزّواج، وتحديد المهر والدّوطة.
وفي العام 2009 صدر تعميم عن وزير الدّاخلية زياد بارود بعد أخذ الاستشارات القانونيّة اللّازمة، منعَ بموجبه المنعَ، أي منعَ مأموري الأحوال الشّخصيّة من رفض طلبات شطب الإشارة إلى المذهب.
وبتاريخ 25 نيسان 2013، وقّع وزير الدّاخليّة والبلديّات مروان شربل، على تسجيل عقد زواج نضال درويش وخلود سكّرية – هما مسلمان من مذهبين مختلفين- المعقود في 10 كانون الأول من عام 2012 أمام كاتب العدل جوزف بشارة، بعدما تقدّما من سجّل النّفوس وشطبا مذهبيهما، وهما أوّل ثنائي لبنانيّ يفتتح الزّواج المدنيّ في سجلّات المديريّة العامّة للأحوال الشّخصيّة.
#اللقاء_المعروفي
Www.druze.news
الأديان السماويّة
أولا: الإسلام
الزّواج في الإسلام شرع الله سبحانه، وجعل له عقداً وشروطاً وأركاناً مخصوصةً ليحقّق من خلالها أهدافه، وهو من سنن عامّة الرّسل كما قال الله – سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم: وَلَقَد أَرسَلنا رُسُلًا مِن قَبلِكَ وَجَعَلنا لَهُم أَزواجًا وَذُرِّيَّةً، وهو كذلك سنّة عن النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وأوصى به شباب المسلمين فقال: ” يا معشرَ الشبابِ مَنِ اسْتطاع منكمُ الباءةَ فليتزوجْ؛ فإنَّه أغضُّ للبصرِ، وأحصنُ للفرجِ، ومَن لم يستطعْ فعليه بالصومِ فإنّه له وِجاءٌ”.
أمّا الزّواج المدنيّ، فقد أجمع العلماءُ والأمّة الإسلاميّة على بطلانه لأنّه يخلو من مراعاة الشّروط الّتي تتناسب مع كرامة الإنسان واحترام مبادىء الشّريعة الإسلاميّة، كما يخلو من الالتزام بحقوق الزّوجيّة السّليمة. وفيه مخالفات شرعيّة إسلاميّة صارخة، ومنها:
#اللقاء_المعروفي
١). الزّواج المدنيّ عقدٌ نظّمه إنسانٌ يُخطئ ويُصيب ، والزّواج الشّرعيّ عقدٌ شرّعه الله تعالى ورسولُه.
٢). الزّواج المدنيّ قد يحمل جواز نكاح الذّكر بالذّكر أو الأنثى بالأنثى وهذا من أكبر المعاصي والمحرّمات.
٣). لا يُشترط المهر في الزّواج المدنيّ، أمّا في الإسلام، فالمُهر شرطٌ من شروط صحّة عقد الزّواج، أو أن يُفرَض مُهر المثل.
٤). الزّواج المدنيّ ينتهي بفضّ الشّراكة، أمّا العقد الشّرعيّ فهو قابلٌ للفسخ أو للتّفريق أو للطّلاق الّذي هو حقٌّ شرَّعه الله تعالى.
٥). الزّواجُ المدنيُّ عقدُ تأسيس شركةٍ وشراكةٍ، أمّا العقد الشّرعيّ فهو لإباحة حلّ استمتاع الزّوجين على المودّة والرّحمة والتّكافل.
٦). ومن الأمور الخطيرة أيضاً أنّ موت أحد المتعاقدين في الزّواج المدنيّ لا يوجب الإرث الشّرعيّ ولا يضمن حقّ النّفقة.
٧). العدّة في الزّواج المدنيّ قد تكون ٣٠٠ يومًا، أو حسب مزاج مؤلّف الزّواج، أمّا العدّة في الإسلام فهي ثلاثة أشهر، أو أربعة أشهر وعشرة أيام، أو حتّى وضع الحمل في حال وجوده.
٨). الزّواج المدنيّ يسمح بالزّواج من غير المسلم، أمّا في الاسلام فلا بدّ أن يكون الزّوج مسلمًا والزّوجة مسلمة أو كتابية.
٩). الزّواج المدنيّ ممكنٌ ان يحدّد بوقت أو زمن محدّدينـ فهو ليس بنيّة التأبيد، والعقد الشّرعي يكون على نيّة الاستمرار والتّأكيد والتّأبيد.
١٠). تتناقض شروط الشّهود في الزواج المدنيّ فقد يشهد من ليس أهلا للشّهادة.
١١) يمنع الزّواج المدنيّ تعدّد الزّوجات، بينما الشّرع يسمح بذلك عند أغلب الطّوائف الإسلامية، باستثناء بعضها الّذي يحرّم التّعدّد أيضا.
١٢_ إنّ الإنصهار الوطنيّ لا يكون بالزّواج المدنيّ، بل بإلغاء أسباب الطائفيّة السياسيّة؛ وخير دليل على ذلك هو أنّ المجتمعات المدنيّة لم تسلَمْ من الحروب، فهذا الزّواج لم يكن حلاًّ للنّزاعات بين النّاس، بل أدّى إلى تفكّك الأُسر والنّسيج المجتمعيّ.
ثانيا: المسيحيّة
إنّ مفهوم الزّواج في الدّين المسيحيّ هو سنّة مقدّسة من الله تعالى. هو رباطٌ روحيٌّ يرتبط فيه رجلٌ واحدٌ وإمرأةٌ واحدةٌ، ويُعرف هذا الرّباط بالزّواج الّذي يتساوى فيه كلّ من المرأة والرّجل، فيكون كلٌّ منهما مساويًّا ومكمّلًا للآخر، وذلك بحسب شريعة الله القائلة: ” لذلك يترك الرّجل أباه وأمّه ويلتصق بامرأته ويكونا جسدًا واحدًا”. وهذا يعني أنّه عندما يتزوّج رجلٌ بامرأةٍ، فإنّه يكمّلها وهي تكمّله، وذلك بحسب وصيّة الإنجيل القائلة: عندما يتزوّج رجلٌ بإمرأةٍ فانّهما “ليسا في ما بعد اثنين بل جسد واحد” وهذا يعني أن رباط الزّواج يجب أن يدوم بين الرّجل والمرأة في محبّة الله ومخافته.
أمّا الزّواج المدني فهو عقد اجتماعيّ لا علاقة له بالأسرار المقدّسة، ولا بالله ولا بالرّوح القُدس. وحسب الكنيسة فإن الزّواج المدنيّ يضع اللهَ سبحانه وتعالى جانبًا، لأنّه حوّل هذا السّرّ المقدّس الى مجرّد عقدٍ اجتماعيٍّ. وهو خطيئةٌ ضدّ السّرّ. حيث الزّواج سرٌّ من أسرار الكنيسة السّبعة. واستنادًا إلى كلام البابا يوحنّا بولس الثّاني في الإرشاد الرسوليّ، فإنّ الأزواجَ المتزوّجين زواجًا مدنيًّا لا يمكنهم تناول القربان المُقدَّس بتاتًا قبل خضوعهم للتّوعية الأسراريّة المسيحيّة، وقبولهم هذه التّوعية بفرحٍ وإيمانٍ واضحٍ وثابتٍ، ثمّ التقدُّم من سرّ التّوبة المُقدَّس واقتبال سرّ الزواج المُقدَّس.
إذاً بالنّسبة للكنيسة فهي رفضت الزّواج المدنيّ لسببين:
١- إنّ الزّواج في الكنيسة ليس عقدًا بشروطٍ دنيويّةٍ بل هو سرٌّ من اسرارها. بمعنى أنّه يجب أن يتمّ بمباركة من رجل الدّين المسيحيّ الّذي يمثّل المسيح على الأرض.
٢_ إنّ الزّواج في الدّين المسيحيّ هو رابطٌ أبديّ “ما جمعه الرّبّ لا يفرّقه إنسان” . لذا لا يوجد طلاقٌ إنّما إبطال زواج لأسباب محدّدة هي الخيانة وإن كانت شروط إثباتها صعبة، والغشّ، والأمراض النّفسيّة. ولكنّ الكنيسة تعترف بالزّواج المدنيّ لغير المسيحيّين.
ثالثا: اليهوديّة
الزّواج له مكانةٌ هامّةٌ عند اليهود، فالرّجل من دون امرأةٍ أو المرأة من دون رجلٍ، إنسانٌ غير كامل بحسب العقيدة اليهوديّة. وفي حين تختلفُ مراسم الزّفاف، فإنّ السّمات المشتركة لحفل الزّفاف اليهوديّ تشمل عقداً خاصًّا للزّواج يُدعى “كيتوباه” يوقّع عليه شاهدان وبوجود مظلّة زفاف “تشوباه” ، وكذلك خاتم يملكه العريس ليعطيَه إلى العروس وذلك تحت المظلّة، ويرافقه بعد ذلك عادة كسر الزّجاج.
من النّاحية الفنّيّة، فإنّ عمليّة الزّواج اليهوديّ لها مرحلتان مختلفتان:
المرحلة الأولى: تدعى “كيدوشين” أي التّقديس أو التّفاني.
المرحلة الثّانية: تُسمّى “نيسوين” أي الزّواج.
فالمرحلة الأولى تُحظَّر المرأة على جميع الرّجال الآخرين، مما يتطلّب الطّلاق الدّيني من أجل حلّ الرّباط، والمرحلة الأخيرة يُصبح الاثنان زوجين كاملين.
ويعدّ الزّواج الدّينيّ الطريقة الوحيدة للزّواج داخل فلسطين المحتلّة، مع الرّفض المطلق للزواج المدنيّ الّذي لا يخضع للطّوائف الدّينية، أو لأحكامٍ دينيّة، وإنّما لشروط مدنيّة فقط، كتلك الّتي تحدّدها الدّولة ومؤسّساتها. ويمنح الجهاز القضائيّ الصلاحيّة الكاملة لعقد الزّواج للطّوائف الدّينية فقط، بحيث لا يمكن عقد زواج مدنيّ بتاتًا، ولكن، يمكن عقد زواج مدنيّ في دولة أخرى خارج فلسطين المحتلّة، وفق قوانين تلك الدّولة، وتسجيله في وزارة الدّاخليّة.
تسجيل الزّواج المذكور يمنح الأزواج مجمل الحقوق الّتي تمنحها الدّولة للأزواج المتزوّجين دينيًّا والمسجّلين في وزارة الدّاخلية. كما أنّ إجراء عقد مدنيٍّ أمام محامٍ أو كاتب عدل لا يُعدُّ قانونيًّا، ولا يمكن تسجيله على أنّه زواج في وزارة الدّاخلية، وذلك على الرّغم من الاعتقاد السّائد بأنّه يعدّ زواجًا مدنيًّا.
مؤيدو الزواج المدني
فما هي الحجج والأدلّة الّتي يبني عليها المؤيّدون فكرتهم حول قبول الزّواج المدني؟
حسب رأي المؤيّدين، إنّ ما يشجّع على اللّجوء إلى الزّواج المدنيّ أسبابٌ متعدّدةٌ منها:
١_يلغي الفوارق بين الرّاغبين في الزّواج أسواء كانت دينيّة، أم طائفيّة أم مذهبيّة.
٢_ الخلاص من المشاكل والخروج عن قوانين الدّين و التحرّر من قيوده، كما أنّ بعض المؤيّدين يرون أنّه يتخطّى التّضييق الّذي تعتمده بعض المذاهب في الزّواج كالكفاءة بين الأزواج أو في المال.
٣_ صعوبة الطّلاق في بعض الطّوائف، وكلفته الباهظة.
٤_ الزّواج إذا كان عقدًا مدنيًّا بأصله، يحق للطّرفين إبطاله ككلّ العقود المدنيّة، وإلا فإنّ هذا الأمر سيشجّع الزّوجين على اللّجوء إلى الخيانة أو الإيذاء الجسديّ أو الهجر أو تصنّع اضطرابات عائليّة للّجوء إلى الطّلاق المرجوّ.
٥_ يمنع تعدّد الزّوجات وتزويج القاصرات وحرمان الأمّ من حضانة أطفالها.
٦_ يزيد التّماسك واللّحمة بين أبناء الشّعب الواحد.
٧_ يُعدّ اللّبنة الأساسيّة في تأسيس الدّولة المدنيّة.
هذا بالإضافة إلى عدد من المشاكل الّتي يحلّها الزّواج المدنيّ حسب رأي المدافعين، وهي:
١_ مشاكل ذات طابع عقائديّ: إنّ المسلمة مثلًا، لا تستطيع الزّواج من مسيحيٍّ، لأنّ الشّريعة لا تسمح بذلك. بينما يستطيع الرّجل المسلم الزّواج من مسيحيّة.
٢_ مشاكل الإرث: إن كان الزّوجان من طائفتين مختلفتين، وبحال موت أحدهما، لا يستطيع الآخر أن يرثه.
٣_ الاحتيال على القانون: إنّ عددًا كبيرًا من اللّبنانين يعمدون إلى تغيير دينهم أو طائفتهم للتّخلّص من زواجهم، لأنّ دينهم يلزمهم بقانون لا يؤمنون به.
٤_ التّطاول على القضاء اللّبناني: عندما يقوم اللّبنانيون بالزّواج المدني في الخارج يجبر القاضي اللّبناني بإخضاعهم إلى قانون الدّولة الّتي تزوّجوا وفق قوانينها. هذا ما يعدّ تطاولًا على استقلاليّة القضاء اللّبنانيّ.
المؤيّدون، والدول الّتي أقرّت الزّواج المدنيّ الإلزامي.
في العديد من الدّول يعدُّ الزّواج المدنيّ إلزاميّاً مثل فرنسا وألمانيا وسويسرا وبلجيكا والسّويد وإيطاليا ورومانيا والنّروج وموناكو واللّوكسمبورغ والبرازيل وأميركا اللّاتينية وروسيّا. وبالتّالي لا قيمة قانونيّة لأيّ زواج يتمّ خارج نطاق محاكم الدّولة أو بتكليفٍ منها. وهذا يقودنا إلى السّؤال: ماذا يفعل المؤمنون في عقد زواجهم؟
في هذه الحالة يتمّ الإجراء القانونيّ للزّواج كما هو مقرّر في النّظام المعمول به في الدّولة. وبعد أو قبل تلك الإجراءات يتوجّه الزّوجان المؤمنان إلى المعبد، وتتمّ الطّقوس الدّينيّة المعتمدة لنيل البركة والدّعاء.
ففي فرنسا مثلا، أجازت فتوى دينيّة الزّواج المدنيّ للمسلمين وإتمامه بالعقود المدنيّة الّتي يتمّ إنجازها في البلديات.
وصدرت فتوى دينيّة باعتماد الزّواج المدنيّ باعتباره زواجًا شرعيًّا صحيحًا شرط أن يكون الشّاهدان عليه من المسلمين.
ويتمّ إجراء الزّواج المدنيّ وفي نفس اليوم يتمّ عقد الزّواج في المسجد أو في بيت أحد الزّوجين. وهنا لا تعارض بين العقد المدنيّ والعقد الشّرعيّ.
Www.druze.news
#اللقاء_المعروفي
عزيزي القارئ؛
هي جدليّةٌ لن تنتهي، ولا يحسمها إلّا عاملٌ أساسيٌّ، وهو الإيمان، إنْ كان بالدين – أو عدمه- أو بثقافة البيئة الاجتماعيّة الّتي يُنتمى إليها – أو عدم الإيمان بها-. ومن الأهمّيّة بمكان معرفة قدسيّة الزّواج وشرف الأسرة والتّربية الصّالحة، وقيمة تماسكها وتعاضدها لأنّها المدماك الأوّل في تأسيس مجتمعٍ فاضلٍ مبنيٍّ على مكارم الأخلاق. وأيّ خللٍ في تأسيسها فسوف يؤدي إلى انهيارها، وبالتّالي انهيار المجتمع، وهذا يعني تفشّي الرّذائل والمهالك. لذلك، إنّ الزّواج ليس نزوةً أو سلعةً، والأولاد لا يجب أن يكونوا الثّمن القاسي لأيّ ارتباط غير مبنيٍّ على الأسس السّليمة، والإتيان بمولود إلى فسيح الدّنيا له حقوقه الّتي يُمنع التّفريط فيها.
… نقلا عن قناة الجبل …
الآراء الواردة في هذه الصفحة لا تعبّر بالضرورة عن رأي موقع “druze.news ” الذي لا يتحمل مسؤولية ما تتضمنه.