– *ما فينا منحترق!* –
_دانيل عبد الخالق – 1 تشرين الثاني 2018_
_مقدمة مقالي هذا لن تكون لعرض العضلات والمفاضلة، إنما لتبرير القسوة والوضوح في تناول موضوع المقال لا أكثر، وهو موضوع تجنب كثيرون قبلي المجاهرة به لعدة أسباب._
*تمهيد المقال* :
بعد أن رأيت أكثر الطاقات تضطر الى الإحجام عن إبداء رأيها إما طمعا في موقع تصله، إما خوفا من امتياز يُسحب منها أو هالة تخسرها، أو خوفا من معاكسة التيار او التزاما بمبدأ تقديم “وحدة الصف على المألوف” بدلا من “إثارة البلبلة رغبة في الحق” (وهو مبدأ جدير بالإحترام)، وبعد أن سمعت كثيرين من المثقفين يبرّرون لي سكوتهم بالقول: “ما فينا منحترق”، او “شو بدك توضح تتوضح”!! بعد ذلك كله أخذت قراري بالمواجهة وحدي دون أن يكون لي غطاء الا قوة المنطق ودقة المصدر وقلّة الأخطاء.
*موضوع المقال:*
يصلني بين الحين والآخر شكاوى على بريدي الخاص عن قيام أشخاص أو حسابات وهمية تستعمل شعاراتنا المعروفية بالتعرض لرموز المذاهب والأديان الأخرى، ومنهم من تجاوز كل الخطوط الحمراء بقذاعتة وشتائمه، يظن بذلك أن يُسكت الآخر أو يمنعه من التعرض لنا ولمذهبنا. لذلك، ومع غياب أي موقف علني مكتوب من أي من المرجعيات يضع هؤلاء الجَهَلّة أمام حقيقتهم فيعرّفهم بما جهلوا، ولربما هذا السكوت خوفا من التفريط بالعصبية التي يعتبرها رابطا قويا يجمع مذهبنا ويشدّه في الصعاب، ارتأيت أن آخذ هذا الأمر على عاتقي وعلى مسؤوليتي الشخصية قاصدا في ذلك تنبيه مَن عرفَ الواجب وغفِل، وتحجيم من توهم المعرفة الدينية عبر بعض المطالعات والقراءات والمخطوطات بينما هو لم يُصب الا جزءا يسيرا منها، وشجْب كل جبان مستأسد خلف شاشة هاتفه متمترسا بحسابات وهميّة.
إن كل حساب على مواقع التواصل الإجتماعي يدّعي أنه ينتمي لطائفة الموحدين الدروز ويقوم بشتم أو لعن أحد من الرموز الدينية او التعرّض لأحد من أنبياء الله صلوات الله عليهم فهو لا محالة واحد من الآتي وصفهم:
1- جاهل بالدين والعقيدة وأصولها، حتى ولو كان يظن نفسه مُطّلعا أو قارئا، وهو لا يعرف حجم جهله كما لا يعلم الطفل الصغير أنه كان جنينا، ولن يتخلّص من جهله هذا الا اذا تواضع وسأل أصحاب المعرفة فيصل الى سن البلوغ المعرفيّة.
2- مُفتنا أو حقودا لا ينفكّ يسعى الى زرع الشقاق بين مكوّنات الوطن والمنطقة.
3- نشتكيني المبادئ عن قصد أو عن غير قصد، وكثيرا ما التقيت وسمعت لبعضهم يظنّون أنفسهم فهماء أمناء على العقيدة، ويلعنون محمد نشتكين الدرزي بينما هم يتبعون منطقه وضلالته ولا يدرون.
3- إستخباراتي عميل رخيص يحقق أهدافا مرسومة له.
4- نزِقٌ قريب بيت النار يردّ على السفاهة بأسفه الأساليب، وهذا ما يبتعد كل البعد عن الأخلاق المعروفية.
5- مُضلّل ببعض المراجع والنظريات التي تتماهى مع سياسات أعداء الأمة والتي لا تنفكّ تنفخُ الروح الشوفينية والتمييزية في رؤوس الموحدين فيتجرؤون على المجاهرة بما يُذكي نار الفرقة والفتنة مع باقي المسلمين باقناعهم أنهم ليسوا عمقا للاسلام بل مذهبا فريدا يحق لنا التعالي، وتسمح لنا هذه الفرادة بترك دعائم الدين لمجرّد انتمائنا.
6- ضحيّة للنظريات الاستشراقية التي خلطت المصطلحات المتقاربة فضاعت فيها عقول الكثيرين، فمثلا “التوحيد” قديم قبل الاسلام والمسيحية، أما “الموحدون” فهم كل من اتبع التوحيد بحسب اللغة العربية حتى ولو كان في أقاصي الدنيا، أما “الموحدون” كمذهب حالي ننتمي إليه فليس بالضرورة على ارتباط بهؤلاء الموحدين الأقدمين. وعمرنا المذهبي حتى وقتنا هذا هو نحو ألف عام. وكل نظرية أو رأي فيه محاولة لإقناعنا أننا أقدم من الاسلام والمسيحية فهو لتحويلنا الى أداة تفتيت وجعلنا مشاريع استشهادية تفجيرية تماما تماما تماما كما أولئك الذين يتزنّرون بالمتفجرات ويفجرون أنفسهم في الجموع ظنا أنهم يحققون غاية دينهم.
7- ضائع بسبب وجود تلاقٍ وتطابق بين بعض المبادئ التوحيدية وبين بعض الفلسفات القديمة فيحاول ربط هذا التلاقي بعقائد تتعلق بخلود الروح وما شابه، بينما الطريق الوحيد لوصول بعض هذه المبادئ القديمة هي الترجمات الفارسية والسريانية وغيرها، أخذ بها المعتزلة في بدايات الاسلام ومن ثم تفرقت بين الفرق الصوفية وبعض الشيعة، ومنها ممّا لا يتعارض مع القرآن الكريم فوصل إلينا.
8- مَخلوط الشعور خصوصا بعض المهاجرين الذين شعروا بحريَّة الرأي والتعبير فتوهّموا أنهم سيصلحون الأمور من خلف الشاشات وأنهم سيعملون على نشر كلمة الحق كما فهموها اعوجاجا واختلاطا، وهم يظنّون أنّنا نعيش هنا تحت حد السيف فنمارس التقية ونكتم حقيقة معتقدنا، أما هم فلا سيف يطالهم، وهذا التصرف فيه الكثير من الجهل وقلّة التقدير والأنانية القاتلة.
9- مهاجر أثرت على شعوره نظرة الازدراء عند بعض الغرب تجاه العرب او المسلمين، فيظن أنه بركوب تلك المشاعر وإظهار التمايز يكسب اعجابهم واستحسانهم ورفعة رأيهم.
10- حاملا لبعض النظريات العلمانية المناهضة للدين وبدلا من التكلم كعلماني وهذا حقة، يتكلم بصفته المذهبية فيعمم نتائج قناعاته الخاصة على كل الموحدين.
وإن كان لي من ختام لرأيي هذا، فإنني أدعوا كل موحد الى *الإقتداء بفضائل مشايخنا* الذين أنصفهم بعض المؤرخين فقال أحدهم: *إنك لتصادق المعروفي سنين طويلة فلا تسمع منه كلمة نابية او لفظة فاحشة* .. أما الشتّامون فهم ليسوا من الموحدين، بل هم من تلك المدرسة المنحرفة التي لم تسلم طائفة على وجه الأرض منها، ولم يتطهّر مجتمع من أدرانها، حماكم الله وحمانا من جهلهم وانحرافهم. فمذهب التوحيد يكتنز صفوةً من المبادئ الأخلاقية والأنسانية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أهمها أن اللعنات والإهانات يستحيل أن تزيد في الدين بل هي منقصة له، وأن ما يخرج من اللسان هو فقط ما ينجس الإنسان لا ما يدخل اليه ولا ما يُقال عنه. ولهذا، فقد وجب على كل متمسك بقذارة لسانه وخبث حديثه أن يمهر كلامه باسمه وصفته الخاصة، لا أن يتلطى بجماعة هي من اسلوبه ومن أخلاقه براء.