صورة قديمة… ، يظهر فيها ثلاث رجال مصابون بالعمى يقودهم فتى ذو نظرات غاضبة . العميان الثلاثة يؤمنون بأن الصبي هو زعيمهم القائد ويحملون له مشاعر الامتنان والتبجيل ، بالرغم انه في كثير من الأحيان يعمد إلى إهانتهم والسخرية منهم وتوبيخهم على اقل خطأ يرتكبونه ، وحتى لو لم يرتكبــوا خطأ فهو لا ينسى أن يُشعرهم بقوته وسطوته ليؤكد ذاته الدنيئــة أمام ذلهم وانكسارهم .
الصعاليك والسفلة عندما يصبحون وبمحض الصدفة قادة ومسؤوليــن تستعر في أنفسهم مشاعر الكراهية والاحتقار للآخرين من المستويات الادنــى ، لأنهم يذكرونهم بحالهم السابق وما كانوا عليـــه من ذل وهوان …….
بعد انتهاء رحلة العميان اليومية في التسول يقودهم الفتى الشرس الى حيث يُقيمون ، يجلسون في احدى زوايا المكان كاطفال هادئيــن ، ينصتــون لرنين الدراهم المعدنية في يد القائد وهو يعدها . انهم يعرفون بأنه يسرقهم ، ويأخذ اكثر مما يستحق ، لكنهم لا يجرؤون على الاعتراض ، فهم بحاجة ماسة لقائد يُعوض فيهم النقص الذي يعانونه ، ويتحمل نيابة عنهم رؤية الطريق وما فيه من مطبات وحفر ، حتى لو تعمد تجويعهم فسيزداد رضوخهم له ويتبعونه كما يتبع الطفل أمه ! .
وحالما يُلقي الفتى إليهم بأواني الطعام ، تمتد ايديهم اليها يتحسسون ما فيها ثم يلتهمون طعامهم بشراهة وهم يرددون كلمات الشكر والعرفان لقائدهم العطوف .
إن العمى يولد الانقيــاد وهذا بدوره يمنحهم الشعور بالراحة والسكينة والأمان ولذة الخضوع ! ……
العمى عبودية وتحنيط للارادة ، وله أشكال كثيرة و الامثلة متعددة في مجتمعاتنا العربية
اللهم رد علينا ابصارنا ممن صادرها