*سامح من قتل امه..* لانه مؤمن بالله محبة
الاب هاني طوق لموقع اللقاء المعروفي . بعد اتصال مباشر به .
……
“أحبب وافعل ما تشاء”، أن تحب هو فعل عظيم يتطلب تجرد الذات، يتطلب أن ترى الآخر بأخطائه وتصرفاته أخاً لك مساوياً لذاتك فتتقبله. المحبة أساس المسيحية وجوهرها، المحبة الحقيقية التي تفوق كل شيء وتتغلب عليه.
اخترت المحبة لأنني وقفت بالأمس متجمدة أمام جبروت محبته، أمام دموعه الحقيقية التي تدل على ألم عظيم لا يمكن له أن يحقد أو يكره… هو الأب هاني طوق. أن تسامح هي نعمة كبيرة، أما أن تجيد التسامح وتتقبل الطعنات بمحبة فهما عمق وجوهر آلام المسيح.
قُتل والد الأب هاني طوق بسبب خلافات عائلية، وكان طلب والدته، المرأة الفاضلة مريم طوق أن يسامح قبل ارتسامه ليعطي شهادةً نابعة من ذاته، فسامح وكانت المصالحة وحضر قاتل أبيه قداسه الأول.
“اللهم انعم علينا بأمهات قديسات”، كثيراً ما تتردد هذه العبارة في قرانا، في الشمال تحديداً. هي حال المرأة الفاضلة مريم طوق التي رافقت رسالة ابنها، دعمته، عاشت الحرب وعايشتها وبمحبتها ساعدت وخدمت. اعتنت بعدد من المنسيين فباتوا ينادونها “أمي”، وما أعظم الأمومة عندما تكون على خطى العذراء مريم.
من الشمال الى حالات، رافقت مريم طوق ولدها الكاهن، الى منزل يعيش فيه مع زوجته وأطفاله وتعيش هي في الطابق السفلي مع عدد من المنسيين والمتروكين الذين كانت تعتني بهم كوالدتهم تماماً.
مرت السنون وظلت مريم تزرع الخير مع ابنها ويعيشان شهادة مسيحية منزهة حقيقية الى أن وصل الشاب روي الى ذلك المنزل المبارك.
روي الذي كان مدمناً على المخدرات، عامله الأب هاني كأحد أولاده، اعتنى به، وجد له مسكناً وادخله الى جمعية “أم النور” ليتعالج. لم تتوقع مريم ولا ابنها غدر روي بمنزل أواه وحماه، كان له “المغارة” على ارض تائهة مؤلمة. حاولت مريم توعية روي كأحد أولادها بعد مغادرته “ام النور” قبل انتهاء علاجه. حاولت ان تنصحه ببناء مستقبل أفضل، لمست “الأنا” العليا لديه التي من شأنها ان تُشعره بالذنب فقرر أذيتها، وقتلها بأبشع الطرق، قتلها بعدما ضربها بمعول على رأسها.
“أمي عبرت عندما حان وقت عبورها شهيدة للمسيح”، بهذه العبارة شاء الأب هاني طوق اقفال التحقيق رافضاً الادعاء على روي الذي سلم نفسه. سامح القاتل، دعا اخوته ليسامحوا ويتخطوا وليؤمنوا ان والدتهم استشهدت لأجل المسيح.
Www.druze.news
لم يقف الحب عند هذا الحد، إذ بناء على طلب روي، وفي تصرف يتخطى كل حواجز هذه الدنيا، حمل هاني طوق صليبه وتوجه الى سجن رومية، زار روي، غمره، أخبره انه لم يغضب عليه يوماً، سامحه، دعاه ليبني الانسان الموجود داخله وليزرع فرحاً بدل الحزن الذي تسبب به.
قال حرفياً ودموعه على خديه: “شو ما تعوز، أكل، تياب، انا بجبلك، الأب ما بيترك ابنو وانا لا تركتك ولا رح اتركك”…
دموعنا تساقطت ونحن ننظر الى حجم التضحية، كل منا ينظر لنفسه، يحاسب نفسه، يشعر بإحساس لا يوصف ونحن المتمسكون بأبسط تفاصيل هذه الأرض والأب هاني طوق مترفع عن كل أمورها الكبرى.
حلقة الأمس من برنامج “عاطل عن الحرية”، بمناسبة عيد الميلاد المجيد، دفعتنا إلى فحص ضمائرنا من جديد متمثلين بإنسان يعيش مسيحيته الى اقصى الحدود… الى حيث الحب والسلام والأمل والتسليم بالإرادة الإلهية… كل التحية للأب الاستثنائي والرحمة لروح والدته.
اختتم حديثه بالقول
*انتو بني معروف . منتعلم من تاريخكم التسامح والمغفرة .. الله محبة الله كريم الله غفور*
الاب هاني طوق
26/12/2018