ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
تنحصر مشكلة تأليف الحكومة بين الرئيس المُكلّف سعد الحريري ورئيس “التيّار الوطني الحر” جبران باسيل. هي من المرّات القليلة التي يَغب فيها “حزب الله” عن الصورة أو رُبّما يُغيّب نفسه، بحسب ما يرى البعض من خلال تقييمه للمشهد السياسي الحالي في البلد. وإذا كان سبب الخلاف بين الرجلين مبنيّ على غياب التفاهم بينهما بغض النظر عن “العشق” السياسي الذي ربطهما سياسيّاً في مرحلة سابقة، إلّا أن البعض نفسه يربطه بالـ”حزب” من خلال وصفه بـ”بالمايسترو” الذي يقود فرقة التعطيل، هذه المرّة من وراء الستار وليس على مسرح الحدث وأمام الجمهور كما درجت العادة.
من النافل القول، أن “حزب الله” قوّة سياسية محليّة لا يُستهان بها، وقوّة عسكرية إقليمية بات يُحسب لها الف حساب والدليل إنشغال العالم به وبسلاحه الذي يُشكّل خطراً بحسب الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، على الساحتين الداخلية والخارجية. ويتوافق مع هذا الرأي جزء غير قليل من اللبنانيين. حتّى من هم داخل “الحزب”، لم يكن يتوقّعون أن يصلوا في يوم من الأيّام إلى القوّة التي هم عليها الأن وأن يُرصد مليارات الدولارات لضربه أو عزله.
وفي ظل الوضعين الداخلي والخارجي، يبرز السؤال الأبرز حول أسباب الغياب العلني لـ”حزب الله” عن واجهة الحدث السياسي وأن يُصبح اقرب إلى التهدئة خصوصاً بعد حصوله على مراده في “التوزيعة” الحكوميّة، والاكتفاء بدور المتفرّج عن بعيد والناصح والداعم لوحدة الموقف.
هذا السؤال يُجيب عنه “الحزب” نفسه، بأن لا شيء يُشغله سوى مصلحة البلد ومحاولة التقريب في وجهات النظر، سواء في العلن أو في الخفاء لما فيه مصلحة ذاتية، ومنفعة وطنية خصوصاً في ظل الحملات التي تواجهه، العسكريّة منها والسياسيّة. وبرأي “الحزب” أن تفويت الفرصة على الخارج لتعكير التوافق السياسي وتعطيل إنتاج الحكومة، لا شك أنه يُضعف الجميع ويضعهم في خانة الاستهداف، وهو امر خبرته “المقاومة” سابقاً بعد ان نجحت في العام 2006 لأسباب كثيرة منها التأييد الواسع الذي حظيت به بين اللبنانيين بمعظم طوائفهم.
وبحسب “الحزب”، فإن العقوبات الخارجية والحصار المالي الذي يتعرّض له منذ سنوات بالإضافة إلى الوضع الاجتماعي والصحّي العام في البلد، كان لهم تأثير كبير على طبيعة عمل الحزب، لكنه لم يترك أي أثر على بنية “المقاومة” وجهوزيتها لا في لبنان، ولا في أي بلد يوجد لها فيه تواجد.
على المقلب الأخر، لم تُقنع هذه “الحجج” خصوم “حزب الله” وبالتالي فهم يصفون إنشغاله هذا على أنه امتداد لسياسة “حياكة” السجّاد الإيراني التي يُمكن ان تطول لسنوات في سبيل الوصول الى النتيجة المرجوّة. لذلك ثمّة ما هو أهم بالنسبة اليه من موضوع التأليف، وهو بناء دولته الخاصة التي بدأ يبنيها على “أنقاض” الوطن الذي تسبّب هو بإنهياره.
ويذهب الخصوم إلى أبعد من مجرّد إتهام، إذ يصفون إغراق “حزب الله” الأسواق والمؤسسات ضمن المناطق التي يُسيطر عليها، بالبضائع الإيرانية وإنشاء المؤسسات التجارية الخاصّة به واعتماد مجموعة من البطاقات الطبيّة والتوفيرية، بالأمر الخطير الذي يُهدد ما تبقّى من أُسس الدولة ومؤسساتها. والأبرز فقدان العملة الصعبة في كل لبنان، ما عدا مؤسّسة “القرض الحسن”.
وحول التقرير الذي كان نشره موقع “الحرّة” منذ أيّام تحت عنوان “حزب الله يقسم لبنان إلى “بقع عسكرية”، يلفت خصوم “الحزب” الى أن الأخير من الأن ولغاية أقل من سنة، سيكون جاهزاً لإعلان دولته الخاصة على امتداد المساحات التي “يحتّلها في لبنان والتي ستكون امتداداً لتلك التي احتلها بقوّة سلاحه في الداخل السوري. وكل المعلومات والتقارير تؤكد أن مدينة “القصير” السورية أصبحت تابعة له بالكامل، وقد سبق أن رفض عودة أهاليها، على الرغم من الدعوة التي وجهها لهم الرئيس السوري بشّار الاسد …