ما زال منبر اللقاء المعروفي يتابع وقائع المؤتمر واصدائه ..
*الدروز – مواقف غب الطلب*
_دانيل عبد الخالق_ – 31 تشرين أول 2018
_الحلقة السابعة من سلسلة حلقات بعنوان: لماذا؟_
سمعت في الآونة الأخيرة عدة مواقف مناهضة للمؤتمر المنعقد حاليا في الجامعة الأميريكية في بيروت حول “الدروز” ( _حسب تسميتهم، مع العلم أن التسمية الدينية السليمة هي “المسلمون الموحدون”، وهذه التسمية منسوبة الى ايماننا ونظرتنا الى أنفسنا أننا مسلمون مؤمنون ومحسنون، أي موحدون. أما من يصرّ قناعة ليس ضرورة على اسم الدروز فإنما هو يُصر على انتمائه طوعا الى محمد نشتكين الدرزي وهو أكبر المرتدين في الإسلام لعنه الله_ ).
إن موضوع مقالي هذا ليس ابداء رأيي في المؤتمر (وأنا أتابعه عبر الرابط وربما حضورا اذا اتاح لي الوقت، وسأبدي تقييمي أكاديميا فيه مُعلَّلا بعد انتهائه)، انما كتبته تعليقا على اسلوب إطلاق المواقف العامة على طريقة “مع او ضد” أو “مضر او نافع”، وهو اسلوب قد يصح في السياسة حيث المناصرون قد أقسموا يمين الولاء للقيادة الحزبية أو لزعيمهم فلا تحتاج القيادة الى كثير من التبرير او التوضيح الا في الظروف التي تريدها، أما أن يعتمد المثقفون او المسؤولون الإجتماعيون بجميع أصنافهم هذا الاسلوب فأمر مُستغرب وغير مقبول وفيه استخفاف بعقولنا. إن من صفات المثقف أو المسؤول أن يكون ذا رأي وذا قدرة على الفصل بين الخيوط، فعلى من يعترض وينتقد أي حركة أكاديمية او ثقافية أن يوضح الأسباب بالتفصيل، وإلا ظنّنا انهم يقيّمون النشاطات *ويقيّمون الآخرين بناء على الاسلوب القبلي الجاهلي البائد الذي هدم مجتمعاتنا العربية وخنق نُخبها وهجّر أدمغتها وسيّد جهّالها على علمائها* ، هذا الأسلوب الذي يُقيّم فيه المسؤولُ الطاقات والنشاطات التي يقوم بها الغير بناء على دوره فيها، فإن كان النشاط ركيكا لكن له دور في رعايته او استغلاله يصفق له ويسوّقه أيما تسويق ويفتّش على فتات إيجابياته، وان كان النشاط ناجحا لكن دون دور أو شأن له فيه تراه يُطلق الموقف تلو الموقف دون ذكر الأسباب، آملا أن الناس تتأثر برأيه نسبة لموقعه. وفي هذا الأسلوب يتم تقييم الفرد بناء على عدد زياراته للعتبات واجتراره للجمود لا على قدر جَدّه في التحصيل والتجديد، يتمّ تقييمه على قدر خدمة المصالح الخاصة والتسويق لها لا على قدر تصويبه للمسار نحو الحق الأوضح والأعم.
*إن هذا الهدم الممنهج لعقول الناس ومعنوياتها لم يعد مقبولا* وقلّما ينطلي الا على مسلوبي الإرادة أو المتزلفين والردّادين، او الطامحين والمنتفعين، ينطلي على الغوغائين والتافهين ومن تكسّرت أجنحتهم وهُتكت طموحاتهم وتعطّلت عقولهم واستسلمت نفوسهم، وينطلي على من اطمئنوا بما فهموا واستغنوا عن الجد ورضوا بما جهلوا، فهؤلاء جميعا -حماكم الله وقلّل عددهم- وإن كانوا ولا زالوا من أهل الكثرة في مجتمعاتنا، *عمرهم لا قدّموا ولا أخّروا في مسار التاريخ بل هم كرة تستقر أكثر عند من يُحسن التلاعب بها أكثر بين قدميه، ومن يُحسن تسديدها عُرض الحائط لتعود كرجا ومسرعة إليه*، فهؤلاء وإن صفّقوا للمواقف المبهمة فإن جغلتهم تتلاشى سريعا، ولكن صفحات التقييم التي ترثها الأجيال تبقى ولا يخطّها الا أصحاب الرأي والجرأة. لذلك فالمطلوب اليوم ممن يرى نفسه مثقّفا أو مسؤولا أن يتحلّى بالجرأة فيكتب انتقاده بأسلوب بنّاء مع وضع البدائل الأصوب، لا أن يتحلى بالجرأة بناء على اشارة همسها أحدهم في أذنه. وإلا فلماذا أسموه موقفا؟ *لماذا* ؟