إلى روحِ الفكر…
إلى عقلِ الوعي…
إلى صاحبةِ الحروف الراقية…
إلى أُنموذج المرأة العربيّة الأصيلة المتواضعة الشريفة…
كُرمى لروحِ الدكتورة نازِك أبو علوان عابد نزُفُّ هذه الكلمات:
لا غروَ أنّ كلّ مَن عليها فان، وأنّ الموتَ حقّ وكُلّنا راحلون.. لكنّنا نخشعُ أمامَ حقيقةٍ تلمعُ كلمعِ النّجوم وتضيءُ كضياءِ الشّمس؛ حقيقةً جسّدتها إمرأةٌ كاتبة، باحثة، واعية، صانَت أصالتها رغم تحرُّرها، وحافظَت على أنوثتها رغم قوّتها، وعاشَت بتواضُعِها رغم شُهرتها، وحملَت من إسمِها معناه فكانت نازِكًا برقّتها ولطافتها، ومن إسمِ عائلتها علوانِها وعُليائِها، ومن عائلةِ زوجها كانت ولا شكّ العابدةُ الموحّدةُ المؤمنة… عن حياة الراحلة الدكتورة نازك أبو علوان عابد نتحدث (رحمها الله).
منبر اللقاء_المعروفي
إلتقيتُها للمرة الأولى خلال توقيعِ كتابِها الأخير داخِلَ صرحِ المكتبة الوطنيّة في بعقلين، وأذكرُ أنّني أنشدتُ لها لحظة التّوقيع بيتين من الشعرِ بالعامية، واصفًا تألُّقها وخلودها كفكرةٍ إنسيّة قلّ مثيلها؛ فلاحظتُ تواضُعها في بسمتِها، وقرأتُ ذكائِها المُتّقد في نظرتِها، وتوسّمتُ حُسنها في لطافتِها، وأخذتُ بجمالِها الكامِن في أناقتها.. هي إمرأةٌ كاملةُ الأوصافِ فعلًا قلّت مثيلاتها.
في محادثتنا عبر الهاتف ومنذ شهور خلَت، ولدقائقَ قليلةٍ في حضرةِ حفيدِها النبيل، وبعد أن تمنّت لنا التوفيق في مسيرتنا الأدبيّة، قطعتُ للراحلةِ وعدًا أن ألقاها بإذن الله وأن “نتعاركَ” فكريًّا وأدبيًّا وفلسفيًّا رُغم يقيني بأنّني الخاسرُ أمامها لا محالة، ولكنّ القدر ما شاءَ في ما شِئنا، ورحلَت عملاقةُ الأدب والإنسانيّة مخلّفةً خلفها “شجرة الجوز” التي لا تفنى، و “صلواتٍ في هيكلِ الرّوح” لا تموت؛ خالدةً في ربوعِ “مزار” الحياة، وهي تندهُ “أين أنتِ يا صفاء” كيما تعيشي “٣٦٥ يومًا مع كمال جنبلاط”.
الرّحمة لروحٍ إنسيّة وُلِدَت لتحيا لا لتموت، ولتُخلّد لا لتفنى.. الرّحمة لمَن زارت هذه الدّنيا ورحلَت تاركةً بصمةً لا تُمحى نقشها القدر على جدارِ الزمان، كيما تضيء على العالم مِن سماءِ لبنان.
ألحان فرحات.
منبر اللقاء_المعروفي
.
بقلم الأستاذ ألحان فرحات.. منبر اللقاء_المعروفي