سقوط الديمقراطية التوافقية
شرط لإعادة الاعتبار للميثاقية.
#اللقاء_المعروفي
بقلم الاستاذ وهيب فياض عبر منبر اللقاء المعروفي
هناك فارق كبير الى حد التناقض بين ميثاق العيش المشترك المكرس في الدستور لضمان حقوق مكونات الوطن ، الذي نزع الشرعية عن السلطة التي لا تراعيه ، والذي أملته وحتّمت وجوده في مقدمة الدستور ، أصوات المدافع التي لم تكن قد صمتت بعد عند إقرار اتفاق الطائف .
وبين بدعة الديمقراطية التوافقية ، التي أتحفتنا بها الطبقة السياسية الحاكمة بعد الطائف ، لتكون سلاحا في يدها ، اكثر تدميرًا للوطن وأسوأ نتيجة عليه ، من التراشق بالنيران .
Www.druze.news
ان أسوأ ابداعات جهابذة السياسة ، كان تصوير الميثاقية في نص الدستور ، على انها توافق جميع الأقوياءفي طوائفهم ، عند كل استحقاق ، سواء كان هذا الاستحقاق اختيار رئيس من الرؤساء الثلاثة ، او تأليف وزارة او نزولًا حتى تعيين مأموري الأحراش .
تحت شعار الديمقراطية التوافقية ، ونزع الشرعية عن كل ما يخالفها ، سُميت حكومة فؤاد السنيورة حكومة بتراء ، وأقصي سعد الحريري فور خروجه من البيت الابيض ، وتم تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية ، وتعطيل تأليف الحكومات . وروعيت في المناصب والوظائف خواطر ، جعلت الدولة مأوى لما هب ودب ممن لا يتمتعون بالحد الأدنى ، من العلم والمعرفة والنزاهة .
Www.druze.news
بالديمقراطية التوافقية تحكّم الأقوياء في طوائفهم بمصائر البلاد والعباد ، مراعاة لمصالح فئوية او مذهبية او حزبية وفي بعض الأحيان شخصية ، وكان هذا السلاح ، الأشد فتكًا منذ نهاية الحرب الأهلية ، فتاكًا بخاصة ، في تدمير الجناح الثاني للحكم الرشيد ، الا وهو وجود معارضة جدية وحقيقية ، تمارس فعل تصويب مسار الحكم ، وتمنع الشطط الذي بلغ حد الوقاحة في استباحة مواقع الدولة وأموالها ، ونهب ثرواتها ، ومصادر رزق مواطنيها، دون خوف من حسيب او رقيب .
ان ميثاق العيش المشترك ، ليس الا صيغة مرحلية الى حين الوصول الى شاطئ الغاء الطائفية السياسية ، وحصر التوافق الوطني في القرارات المصيرية ، بمجلس للشيوخ ، شاخ البلد واحتضر ، وهو ينتظر ولادته .
مسيؤن للوطن من جعلوا الميثاقية تتقمص لباس الديمقراطية التوافقية المبتدعة زورا ، ليسقطوا وجود المعارضة الحقيقية ، ومعها إمكانية المحاسبة والمعاقبة ، فجاءت انتفاضة ١٧ تشرين لتعيد الى المعارضة قيمتها ، ولتؤكد الحاجة اليها لانتظام عمل مؤسسات الدولة .
ان تحفظ الطوائف وجودها وممارستها لشعائرها وحرية معتقداتها فهذا حقها ، بشرط الا يتعارض مع الدستور والقوانين . اما ان تتغول الى حد ابتلاع المواطنة ، فهذا بلا شك المدخل الى الدمار الشامل الذي نرى بداياته ولا نحتملها ، فكيف اذا أوصلتنا المكابرة الى نهاياته .
ان الصعود من الوادي السحيق الذي أوصلتنا اليه الديمقراطية التوافقية المزعومةً، بحاجة الى رحلة الالف ميل الشاقة ، التي تبدأ بخطوة عودة السلطة عن حكومات الوحدة الوطنية الشكلية والصورية ، الى حكومات تضم الموالين ، وتطلق العنان للمعارضين ، بغض النظر عن انتماءاتهم وطوائفهم ومذاهبهم ، حتى تستقيم الحياة السياسية ، بعد ان تصدع الهيكل الى حد الانهيار .
Www.druze.news
طوبى لمن يوالي وهو يؤمن بضرورة المعارضة
وطوبى لمن يعارض ، غير متنكر للميثاقية
فجحيم الموالاة ليس اقل غليانا وإحراقا من جحيم المعارضة ، وابواب الجحيم المفتوحة على الوطن لا تميز بين موال ومعارض
كتب الاستاذ هيب فياض، بيروت، لبنان
#اللقاء_المعروفي Www.druze.news
٢٣ / ١٢ / ٢٠١٩