…. التفاصيل
تشكّل جلسات مناقشة البيان الوزاري التي تنعقد تحت قبّة البرلمان اليوم وغداً مساحةً ديمقراطية مثالية لتعبير الكتل النيابية عن رأيها ومواقفها من العناوين والبنود الاصلاحية الواردة في البيان الوزاري لحكومة “إلى العمل”، ما ينذر بخطبٍ وكلمات بعضها سيحاكي بلا شك الوعود الكثيرة والرنّانة التي أطلقت منذ لحظة تشكيل الحكومة حتى اليوم، وبعضها الآخر سيضع النقاط على الحروف في المشبوه منها او غير الواضح او المنطوي على ثغراتٍ تسهّل الالتفاف على النهج الإصلاحي المنشود.
على هذا الأساس ولهذا الهدف حجز اللقاء الديمقراطي لكلمته مساحةً في أولى الجلسات، لتأتي في الترتيب الثالثة أو الرابعة التي سيلقيها عضو الكتلة النائب هادي أبو الحسن، متضمّنةً عناوين إصلاحية سياسية، وإنقاذية إقتصادية، وإنسانية إجتماعية، تتماشى مع النهضة الحزبية في صفوف “التقدمي الإشتراكي”، والنهج الحديث الذي يتّبعه اللقاء الديمقراطي مؤخراً.
فعلياً، يثبت “اللقاء الديمقراطي” منذ التسوية الرئاسية الأخيرة منحى جديداً من الأداء السياسي وأسلوباً جديداً في مقاربة كافة القضايا المتعلقة بالشأن العام وطريقة إدارة شؤون البلاد والعباد. والمراقب لأداء نوّاب اللقاء على أكثر من صعيد ، تشريعياً وإنمائياً ورقابياً و”تصويبياً” إن على بعض مكامن الخلل والفساد في إدارات الدولة ، أم باتجاه ديناميكية أكثر شفافية في المسلك السياسي العام للكتلة ونوابها، يدرك أن قراراً حاسماً اتّخذته الكتلة برئاسة تيمور جنبلاط لإحداث فرق ما في تاريخ لبنان الحديث.
ليس لدى اللقاء الديمقراطي ما يخسره. فقد ربح في الإنتخابات النيابية الأخيرةِ ثقةَ الناس على عكس ما كان الجميع يتوقّع ، وإلى جانبها ظفر بتصالح القاعدة الشعبية مع الواقعية السياسية التي لطالما انتهجها الزعيم وليد جنبلاط، ما أسّس لحقبةٍ جديدةٍ من الثقة المتبادلة بينه وبين القاعدة “التقدمية” التي يمثّلها من جهة ثانية. ثقةٌ يتّكئ عليها اللقاء اليوم في حربه المعلَنةِ ضد الفساد والمفسدين، ناهلاً من إرث المعلم الشهيد كمال جنبلاط الإصلاحي، ومستعيناً بالدستور والقانون لتقديم مقترحات وطروحات رائدة على خط المحاسبة والمساءلة!
وعلى هذا الأساس سوف يكشف اللقاء أوراقه اليوم، فيطلق شرارة معركته الرقابية والتشريعية والقضائية والسياسية المفتوحة ضد الفاسدين والمرتكبين والمخصخصين على قاعدة مصادرة أملاك الدولة لصالح ” المنتفعين ، ويسمّي الأشياء بأسمائها في ملفات حساسةٍ تمثل حجر الزاوية في زيادة العجز وتسريع الإنهيار المالي والإقتصادي بالبلد. فالكهرباء، والأملاك البحرية، والمؤسسات الإجتماعية، والرعاية الصحية، والتخطيط البيئي النظيف، ودعم المرافق الخدماتية الاساسية، وتأمين مصالح الناس بكل فئاتهم، كلّها ملفات سوف يضعها اللقاء الديمقراطي اليوم فوق الطاولة بالتفاصيل والأرقام، معلناً خضوعها لـ “مرقبِه” السياسي والتشريعي.
أما في السياسة فسوف يؤكد تمسّكه بالطائف بكل مندرجاته كخيار لا بديل عنه إلا العلمنة الشاملة للدولة انطلاقاً من إلغاء الطائفية السياسية، كما سيجدّد عهده ووعده الدائم للقضية الفلسطينية أرضاً وشعباً، معلناً انحيازه لحقوق الإنسان في شتّى المجالات.